أبشع صور الكشف عن الفساد فى الوسط الرياضى هذه الصورة التى يهاجم فيها فاسد يرتدى قناعا فاسدا، آخر مكشوف الوجه.. هى عملية كبرى لغسيل الأخلاق تبدو لنا وكأنها بطولة تقتحم عالم الفساد والفاسدين.. بينما هى عملية خداع واسعة لتصفية حسابات شخصية حتى لو كان الفساد موجودا بالفعل.
والحقيقة أن الراغبين فى كشف الفساد الرياضى لا يملكون حتى الآن أوراقا ومستندات مؤكدة، إما لأنهم غير قادرين على الحصول عليها، أو لأن الفاسدين بارعون فى تستيف" أوراقهم وإخفائها عن الأعين، أو لأن الرياضيين الفاسدين نقلوا نشاطهم الفاسد إلى أماكن غير رياضية بدليل أن أسماء منير ثابت وسمير زاهر وأحمد سليمان ظهرت فى أرض بعيدة عن الرياضة.
والأخطر أن يكون العجز عن كشف الفساد الرياضى ناتجاً عن شمولية وعموم الفساد فى الوسط كله، وبالتالى يصعب أن يظهر شاكياً ومشتكياً، فالجميع متورطون والجميع لا يريدون فتح ملفات سوف تحرقهم.
ويلفت النظر فقط تلك الاتهامات الموجهة لحسن صقر رئيس المجلس القومى للرياضة من هؤلاء الذين ناصبوه العداء فى مرحلة الصراع المرير للتخلص من مراكز القوى، وهم الذين يتبرعون الآن بتقديم بعض الأوراق أو بعض الوقائع التى لا تحكمها إدانة واضحة أو محددة وهى قابلة للمراجعة والتفنيد.
ولأننا كافحنا كثيراً من أجل مقاومة الفساد الرياضى، سواء قبل أو بعد الثورة.. فإن فرحتنا بالمطاردة الدائرة حاليا لبؤر الفساد كبيرة وعظيمة، وتأخذ بنا إلى أعلى سقف من السعادة، وترقب تطهير البلاد كلها.. إلا أننى من واقع تجارب شخصية مباشرة وليس كآخرين نظروا من النافذة أو البلكونة، واعتمدوا فقط على ضخ الاتهامات الصادرة من آخرين.. لم أكن أتوقع أن يكون حسن صقر والمجلس القومى للرياضة هو أول من يضعه المطاردون فى أول طابور المحاسبة والمساءلة.. لأنه – وهذا انطباع شخصى – كان الأكثر شفافية ونظافة يد من كل الذين تولوا هذه المؤسسة التى تمثل قمة هرم الإدارة الرياضية.. وحتى وأنا أتابع معاركه مع مراكز القوى وأكثر الفاسدين شراسة كنت أشفق عليه من مبالغته فى نوايا التطهير، ولو جاء ذلك على حساب المقعد الذى يجلس عليه.. وعندما قرر مطاردة الفساد فى اتحاد الكرة وهو فساد "أصلى" و"يفقع" العين، كان يتوقف عند نقطة محددة من المطاردة ويصاب بالشلل لأن كباراً فى النظام السابق كانوا يتدخلون.
ولو كنا نريد أن نمثل دور البطولة الحقيقية علينا أن نفتش فى الفساد الحقيقى، ولا نخاف من الاتهامات المضادة التى تصيب فى مقتل.. لأن حسن صقر ليس متمرساً – حسب علمى – فى مهارة المؤامرات.. ولا يملك القدرات التى تؤهله للضرب فى المليان تجاه الموهوبين فى التآمر والبارعين فى لعب دور الطهرة الأبرار، وهم فى حقيقة الأمر مارسوا أعتى أصناف الفساد داخل وخارج مصر، وانهارت أخلاقهم إلى الحضيض فى وقائع يصعب جدا الحديث عنها لأنها مرئية فقط، ويستحيل أن نقدم لها مستندا.. لكن ربما يضطر المتهمون بالفساد سواء كانوا على حق أو باطل أن يلجأوا إلى آخر سلاح يجعلون به الفاسدين سواسية.
ولذلك فأنا أقترح عدم الانتظار حتى تخرج الأوراق والمستندات.. وأن يتقدم الشرفاء بطلب يضعون به اتحاد الكرة والأهلى والزمالك تحت طائلة قانون من أين لك هذا.. ولأن هناك قضايا تم نظرها فى أجواء غير صحية قبل الثورة، ومن الواجب فتحها من جديد لنعرف لماذا تم حفظ قضايا الفساد التى رفعها مرتضى منصور ضد مجلس إدارة الزمالك منذ سنوات.. والتى رفعها مصطفى بكرى ضد إبراهيم نافع وحسن حمدى.. وأيضا التى رفعها أسامة خليل ضد سمير زاهر.. ومن السهل على إدارة الكسب غير المشروع أن تكشف التربح فى كل مؤسساتنا الرياضية.